دراسة: هل يكمن مفتاح مكافحة الشيخوخة في عظامنا؟

كان جيرار كارسنتي عالما شابا يحاول أن يصنع لنفسه اسما في أوائل التسعينيات عندما عثر أولا على اكتشاف من شأنه أن يغير فهمنا للعظام، والدور الذي تلعبه في أجسامنا.

 

فبعد ما يقرب من 15 عاما، سيقوم كارسنتي بنشر سلسلة من الأوراق البحثية التي من شأنها أن تحدث ثورة، في وجهة نظرنا، على العظام والهيكل العظمي بشكل عام.

فمنذ ذلك الوقت تركزت مهمة كارسنتي في دراسة هرمون يدعى أوستيوكالسين، وهو واحد من البروتينات الأكثر وفرة في العظام والذي يشتبه في أنه يلعب دورا حاسما في نمو العظام وإعادة تشكيلها.

قام كارسنتي بإجراء تجارب مخبرية على الحيوانات من خلال إزالة الجين المسؤول عن تشكيل هرمون أوستيوكالسين من الفئران، ومع ذلك، فإن الفئران لم يبد عليها أي عيوب واضحة في العظام على الإطلاق.

ولكن بعد ذلك لاحظ كارسنتي شيئا غير متوقع، ففي حين أن عظام الفئران تطورت بشكل طبيعي، يبدو أنها بدت سمينة وتعاني ضعفا في الإدراك.

فقد كان يعتقد في السابق أن دور الهيكل العظمي يتركز في المقام الأول في مهمته كسقالة لبقية أعضاء الجسم.

غير أن الدراسة تؤكد أن العظام تلعب دورا في تنظيم مجموعة كاملة من العمليات الجسدية الحيوية بدءا من الذاكرة إلى الشهية، وصحة العضلات، والخصوبة، والتمثيل الغذائي وغيرها الكثير.

وتبين البحوث أن الإنسان يصل إلى ذروة البناء في كتلة العظام في العشرينات من العمر، بعدها يبدأ الإنسان بالهدم في الخلايا العظمية بشكل بطيء وتبدأ كتلة العظام بالانخفاض والتي يمكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى الضعف والأمراض الأخرى مثل هشاشة العظام في سن الشيخوخة.

وأشارت دراسات طبية على مدى العقد الماضي إلى أن هذا الانخفاض في كتلة العظام قد يكون أيضا مرتبطا بضعف العضلات – يشار إليها في المصطلحات الطبية باسم ساركوبينيا – فضلا عن المشاكل التي تصاحبها في الذاكرة والمشاكل الإدراكية التي يعاني منها الكثير خلال المراحل العمرية المتقدمة.

 

 ويبدو أن هذا كله مرتبط بمستويات هرمون الأوستيوكالسين في الدم، من خلال دوره كـ "منظم رئيسي" لعدد من العمليات الحيوية، مما يؤثر على العديد من التفاعلات الهرمونية الأخرى في الجسم.

وأجرى كارسنتي سلسلة من التجارب التي أظهرت أنه من خلال زيادة مستويات الأوستيوكالسين في الفئران الأكبر سنا من خلال الحقن، يمكن في الواقع عكس العديد من الأمراض المرتبطة بالتقدم في العمر.

فالأوستيوكالسين يبدو أنه قادر على عكس مظاهر الشيخوخة في الدماغ والعضلات، فعندما تعطى الفئران الشائخة هذه المادة، يمكنها استرجاع الذاكرة واستعادة القدرة على ممارسة النشاطات للمستويات التي تكون لدى الفئران الشابة.

ومن خلال هذه الدراسة، وجد العلماء أيضا أن هناك طريقة واحدة للحفاظ على مستويات هذا الهرمون بشكل طبيعي في الدم لدى البشر، حتى في المراحل العمرية الكبيرة، وهي من خلال ممارسة الرياضة، والتي لديها ميزات كبيرة في مكافحة الشيخوخة.

وتشير البحوث الحالية إلى أن ممارسة المزيد من التمارين الرياضية خلال سنوات المراهقة والبلوغ يمكن أن تزيد من الوقاية وعدم تدهور صحة العظام أو التدهور المعرفي وغيرها من جوانب الصحة في وقت لاحق من الحياة.

 

الاكثر من منوعات

أخبار محلية