"الدفاع" تنظم مؤتمر "القانون الدولي وحروب القرن الـ 21" في أبوظبي

نظمت اليوم وزارة الدفاع مؤتمر "القانون الدولي وحروب القرن الـ 21 " في نادي ضباط القوات المسلحة بأبوظبي برعاية معالي محمد بن أحمد البواردي وزير دولة لشؤون الدفاع. حضر المؤتمر معالي اللواء الركن طيار فارس خلف المزروعي قائد عام شرطة أبوظبي ونخبة من الخبراء والمتخصصين في القضايا العسكرية والامنية والاستراتيجية وعدد من الخبراء الدوليين.

وقال معالي محمد بن أحمد البواردي إن الإصلاحات الضرورية لقواعد ومعايير القانون الدولي تُمَكن من تحقيق عالمٍ أكثر أمناً وازدهاراً وعالمٍ تدار فيه الاختلافات وتواجه فيه التحديات من خلال قواعد واضحة ومتفق عليها ..موضحا ان العالم يتعرض ومنطقة الشرق الأوسط بالخصوص، إلى مآس كثيرة وحروب ضارية أرهقت المجتمع الدولي بسبب ما يحدث فيها من انتهاكات خطيرة للمدنيين وحتى العسكريين، كالقتل العشوائي والتعذيب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية والاستعمال المفرط للأسلحة الخطيرة واستهداف المدنيين، وغيرها من الانتهاكات لكافة القيم الإنسانية والروحية والدينية.

وأضاف معاليه أن العالم يشهد منذ نهاية فترة الحرب الباردة العديدَ من التغيرات الجذرية على مستوى المشاكل والأزمات الأمنية والتحولات التكنولوجية والعلمية، إلا أن النظام القانوني الدولي، باعتباره ضابطاً مفترضاً للعلاقات الدولية، ظل جامداً ولم يواكب هذه التحولات وإن تطوير القانون الدولي والنهوض بمستواه يعكس التطورات الحالية الحاصلة في العلاقات الدولية أصبح أمراً ضرورياً وملحاً وذلك من خلال الموازنة بين التطورات التكنولوجية من جهة وحقوق الفرد والدولة من جهة أخرى وإنه من الواجب علينا أن نعمل ليس فقط على إضافة معاهدات واتفاقيات جديدة، ولكن أيضاً على بذل المزيد من الجهود لضمان تطبيق الاتفاقيات القائمة.

وأكد معاليه سعي دولة الإمارات إلى لعب دورٍ قياديٍ في تشجيع الحوار والتعاون الدولي من أجل تحديث وتطوير النصوص القانونية المنظَمة للحروب بكل أشكالها، ودعم بناء القدرات في هذا المجال، خاصة على الصعيد الإقليمي ..مشيرا إلى ان مؤتمر "القانون الدولي وحروب القرن الواحد والعشرين" يأتي لتأكيد التزام دولة الإمارات بتطوير منظومة حقوق الإنسان والقانون الدولي، وإسهاماً منها في تعزيز أركان نظام دولي قائم على قواعد قانونية حديثة وإلى تنمية القدرات والخبرات الوطنية ذات الصلة في جميع مؤسسات الدولة، خاصة في المؤسسة العسكرية، وتبادل الخبرات مع المنظمات والهيئات الأجنبية المعنية بالقانون الدولي.

من جانبة قال اللواء الركن طيار فلاح محمد فلاح القحطاني الوكيل المساعد للسياسات والشؤون الاستراتيجية في وزارة الدفاع ان السنوات العشرين الماضية شهدت تغيراً في أشكال الحروب والنزاعات المسلحة في العديد من أنحاء العالم، وقد تغيرت نوعية الأسلحة المستخدَمة في هذه الحروب مع تزايد التطور التكنولوجي وظهور أنماط جديدة للقتال، فحروب القرن الواحد والعشرين ليست بالضرورة حروباً تقليدية تتواجه فيها جيوش نظامية ضد جيوش أخرى، بل تأخذ أيضاً شكل حروب قوات نظامية ضد ميليشيات، وقوات شبه عسكرية، وعصابات، وجماعات المتمردين.

وأضاف أن الحروب بين هذه الأطراف غير النظامية تكون مدفوعة بدوافع المصالح الاقتصادية أو الكراهية العرقية عوضاً عن المصالح الوطنية أو الأيديولوجيات التي كانت تُشكل القوى المحركة للنزاعات المسلحة بين الدول في السابق، بحيث يُصبح السكان المدنيون، وليس القوات النظامية، هُمُ الهدف الرئيسي للهجمات ..فقد أصبحت أغلب النزاعات المسلحة تُخاض في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، حيث تقع خسائر بشرية أكبر.

واوضح ان انتشار استعمال الآليات ذاتية التشغيل في كافة النطاقات العسكرية، وتزايد استخدام الآليات غير المأهولة في العمليات واستخدام الأسلحة السيبرانية والتقدم العلمي والتكنولوجي سيُحدث تغيرات كبيرة في أشكال الحروب ونطاقاتها في السنوات والعقود المقبلة وسَيَرْفَعُ من سقف التحديات التي ستواجه المجتمع الدولي.

وأكد أن الصيغة المعقدة لحروب اليوم والمستقبل تستدعي أن نسأل أنفسنا ما إذا كان القانون الدولي في شكله الحالي ملائماً للتعامل مع هذه التغيرات المتلاحقة والسريعة، ومرِناً بما فيه الكفاية لحماية المدنيين ..وإن لم يكن الأمر كذلك، فما هي الخطوات التي يجب اتباعها لتطوير قواعد ملزمة لضمان تأطير الأشكال الجديدة من الحروب وحماية المدنيين.

وأشار إلى أهمية تطوير وتحديث المعاهدات المكوِّنة للقانون الدولي لتُناسب أشكال حروب القرن الواحد والعشرين، وذلك عن طريق وضع قيود على المتحاربين بمختلف أنواعهم من أجل حماية الأشخاص والمنشآت المدنية ..مؤكداً إن دولة الإمارات ستبقى وفيّة لاختيارها الذي انخرطت فيه منذ استقلالها، فمنذ انضمامها للأمم المتحدة، ساهمت في العديد من الجهود لتحقيق الأمن والسلم الدوليين، سواءً من خلال الانضمام إلى الاتفاقيات والمعاهدات الموجودة أو المساهمة في تطوير قواعد دولية جديدة.

واكد اللواء الركن عبيد راشد الحصان الشامسي رئيس الإدارة التنفيذية للتحليل الاستراتيجي في وزارة الدفاع رئيس اللجنة العليا المنظمة للمؤتمر أن المؤتمر يأتي في إطار سلسلة مؤتمرات القادة لحروب القرن الواحد والعشرين التي تنظمها الوزارة سنويا منذ عام 2016 ..ويأتي اختيار موضوع القانون الدولي في ظل مواكبة المتغيرات المتلاحقة على الصعيد العالمي، والتي تفرض واقعاً جديداً ينبغي معرفة كيفية التعامل معه على المستويات المختلفة، ومن بينها الجانب القانوني.

وقال إن عالمنا يشهد تغيراً ليس كمياً فحسب بل أيضاً نوعي في التهديدات التي تزعزع السلم والأمن الدوليين ..فقد ارتفع عدد النزاعات المسلحة في جميع أنحاء العالم بالمقارنة عما كان عليه الوضع خلال فترة الحرب الباردة ..كما ظهرت أنماط جديدة من الحروب تصاعدت خلالها النزاعات الداخلية والأخطار المتعلقة بالأمن الفضائي والحروب الهجينة والحروب بالوكالة، واستخدام عمليات المعلومات وشبكات التواصل الاجتماعي في حروب الدعاية والمعلومات، وانتشر خطر الإرهاب في جميع أنحاء العالم ..مشيرا إلى أن الساحة الدولية تشهد وجود العديد من الكيانات والمنظمات المسلحة غير الحكومية التي تتلقى الدعم العسكري والمالي من دول عدة.

وأضاف أن انتشار النزاعات اليوم دليل واضح على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات بشكل عاجل، فالتحديات الأمنية الناشئة والجديدة التي تواجه عالمنا اليوم تتطلب تطوير مقاربة قانونية مبتكرة للتعامل معها، ولا شك أن الطابع المترابط والمعقد لهذه التحديات يتطلب من الدول كافة أن تعزز التعاون فيما بينها أكثر من أي وقت مضى.

واشار الى أن الجهود المبذولة لتحديث النصوص والآليات القانونية اللازمة لتنظيم العلاقات بين الدول وتحقيق عالم آمن ومستقر في ظل هذه المتغيرات، يقتضي انخراط مختلف الفاعلين من أكاديميين وخبراء وشركات ومنظمات حكومية وغير حكومية في توسيع دائرة النقاش والانفتاح على مختلف الآراء لإثراء التفكير والمعرفة من أجل إيجاد القواعد القانونية اللازمة للتقليل من آثار حروب المستقبل على الدول والشعوب.

وناقش المؤتمر ثلاث أوراق عمل تخصصية وجلسة رئيسية، حيث قدم سعادة أحمد عبدالرحمن الجرمن مساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي لشؤون حقوق الانسان والقانون الدولي ورقة عمل تخصصية بعنوان "الفاعلون من غير الدول في ضوء أحكام القانون الدولي" وطرح العميد ركن حقوقي سالم جمعة الكعبي مدير القضاء العسكري في القوات المسلحة الإماراتية ورقة عمل تخصصية تحت عنوان "التحديات المعاصرة للقانون الدولي والإنساني وجهود دولة الإمارات العربية المتحدة في التصدي لها وورقة للدكتور وليام بوثبي - الزميل المساعد في مركز جنيف للسياسة الأمنية ورقة عمل بعنوان " قانون الحرب السيبرانية ".

كما قدم المتحدثون من اللجنة الدولية للصليب الأحمر ورقة عمل تشارك فيها صوفي باربي رئيس مكتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الإمارات وخوان كارلوس المندوب الإقليمي للقوات المسلحة والمنظمات المسلحة في دول الخليج واليمن داخل اللجنة الدولية للصليب الأحمر بعنوان "حماية المدنيين في الصراعات المعاصرة .. عرض مساهمة اللجنة في تطوير وتوضيح وتفسير وإعادة التأكيد على حماية المدنيين وتنظيم سلوك النزاعات المسلحة".

وتحدث سعادة أحمد عبدالرحمن الجرمن مساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي لشؤون حقوق الانسان والقانون الدولي عن الفاعلين من غير الدول في ضوء أحكام القانون الدولي حيث يعد هذا الموضوع من أهم ملامح النزاعات المسلحة في القرن الواحد والعشرين، مبينا كيفية إدارة الصراع واساليب وتطور الوسائل المستخدمة لمواجهة الفاعلين من غير الدول.

وقال العميد ركن حقوقي سالم جمعة الكعبي مدير القضاء العسكري في القوات المسلحة الإماراتية خلال استعراضه ورقة عمل تخصصية تحت عنوان "التحديات المعاصرة للقانون الدولي والإنساني وجهود دولة الإمارات العربية المتحدة في التصدي لها" ان تحديات تطبيق القانون الدولي الإنساني أثناء النزاعات المسلحة وحماية ضحايا هذه النزاعات سواء أكانوا جرحى أم مرضى أم غرقى أم أسرى حرب أم مدنيين أو عاجزين عن القتال، وحماية الأعيان والممتلكات التي ليست لها علاقة مباشرة بالعمليات العسكرية تحديات ومعوقات معاصرة أثناء النزاعات المسلحة تجعل من الصعوبة تطبيق هذا القانون بشكله الصحيح على أرض الواقع.

واشار الى أن تلك التحديات تحتاج إلى التوقف أمامها لبحثها والتصدي لها بنصوص قانونية متطورة إذا كان القانون الدولي الإنساني لا يفي بمجابهتها في الوقت الراهن لحداثة تلك التحديات على الساحة الدولية منها الهجمات والأعمال الإرهابية أثناء النزاعات المسلحة والهجمات الإلكترونية على الدول ضد البنية التحتية ومنظومات الأسلحة الجديدة ونهب المساعدات الإنسانية ومنع وصولها لضحايا النزاعات المسلحة ودعم الميليشيات المسلحة بأسلحة حديثة من دول أو منظمات وضد القوات الحكومية واستخدام وسائل الإعلام الدولية لنشر إدعاءات كاذبة لانتهاكات أثناء النزاعات المسلحة ضد إحدى الدول والسيطرة على الأسلحة التقليدية أثناء النزاعات المسلحة وازدياد ظاهرة المقاتلين الأجانب للمشاركة مع تنظيمات إرهابية مع ازدياد استخدام الشركات العسكرية والأمنية الخاصة في النزاعات المسلحة وغياب التشريعات الوطنية التي تنظم سير العمليات العدائية في بعض الدول وملاحقة مرتكبي جرائم دولية، مستعرضا جهود دولة الإمارات والقضاء العسكري ودوره المتميز في مجال القانون الدولي الإنساني.

الاكثر من أخبار محلية

أخبار محلية