"الاقتصاد" تستعرض قانون التعاونيات الجديد وتؤكد دوره في تعزيز تنوع وتنافسية الاقتصاد الوطني

أكد سعادة عبد الله آل صالح، وكيل وزارة الاقتصاد، أن دولة الإمارات بفضل رؤية وتوجيهات قيادتها الرشيدة تتبنى اليوم منظوراً جديداً لتطوير القطاع التعاوني، إيماناً بدوره كمساهم رئيسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة للدولة، حيث نعمل على توفير السياسات الضامنة للارتقاء بأداء هذا القطاع الحيوي بصورة شاملة، وتحقيق مزيد من التمكين للنموذج التعاوني وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للدولة، ودعم تنوع وتنافسية واستدامة الاقتصاد الوطني، بما يتماشى مع مستهدفات الخمسين ومحددات مئوية الإمارات 2071.

وقال سعادته : " من هذا المنطلق أصدرت الدولة مرسوم القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2022 بشأن التعاونيات، والذي يهدف إلى تطوير وتنمية القطاع التعاوني لمستويات جديدة، حيث تتبنى وزارة الاقتصاد في ضوء القانون الجديد مستهدفين رئيسيين وهما : " زيادة نسبة مساهمة التعاونيات في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى 5% بحلول 2031، مقارنة بنسبة المساهمة الحالية التي لا تتجاوز 1%، وزيادة الأعضاء المساهمين في الجمعيات التعاونية إلى نحو 500 ألف عضو مساهم، ارتفاعاً من 100435 عضوا حالياً".
جاء ذلك خلال إحاطة إعلامية نظمتها وزارة الاقتصاد اليوم في مقر وكالة أنباء الإمارات "وام" بالعاصمة أبوظبي لتسليط الضوء على قانون التعاونيات الجديد، والذي كان قد أصدره صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، حيث يسهم القانون في إحداث نقلة نوعية في القطاع التعاوني لبناء تجربة تعاونية رائدة تواكب أفضل التجارب العالمية في الصدد، عبر تحفيز أفراد المجتمع على تأسيس تعاونيات في قطاعات جديدة في الدولة وتنويع أنشطتها لتشمل العديد من الأنواع ومنها التعاونيات الاستهلاكية، التعاونيات الإنتاجية، تعاونيات الموظفين وأصحاب المهن، التعاونيات المجتمعية، التعاونيات الخدمية ومنها المالية والصحية، التعاونيات الرقمية، تعاونيات المنصات، وأي أنواع أخرى يعتمدها مجلس الوزراء.
وردا على سؤال لوكالة أنباء الإمارات "وام" قال سعادة عبدالله آل صالح إن عدد التعاونيات على مستوى الدولة يصل إلى 43 تعاونية برأس مال يزيد على 3 مليارات درهم، مشيرا إلى أن القانون الجديد يسمح للجمعيات الصغيرة وبعض أنماط التعاونيات بالاندماج مع الجمعيات الكبيرة ذات الخبرة إضافة إلى فتح المجال لتأسيس تعاونيات في مجالات " التعليم والصحة والسياحة والتكنولوجيا والبرمجة وغيرها من قطاعات الاقتصاد الجديد".
وقال سعادته " يمثل قانون التعاونيات الجديد محطة مفصلية في حوكمة قطاع التعاونيات، حيث عملت وزارة الاقتصاد بالتعاون مع شركائها من الجهات والهيئات الحكومية الاتحادية والمحلية والقطاع التعاوني، على تطوير مواد القانون بنهج استباقي ومرن يستشرف اتجاهات المستقبل، وتم الاستناد إلى دراسات مقارنة شملت الدول ذات المراتب المتقدمة في قطاع التعاونيات، كما تمت مناقشته في المجلس الوطني الاتحادي لضمان الخروج بتشريع محدث ومتكامل يتبع أفضل الممارسات، ويتناسب مع متطلبات بيئة الأعمال في الدولة خلال المرحلة المقبلة.
وأضاف “ أن القانون الجديد يسهم في استكمال الأطر القانونية والمؤسسية للمنظومة التشريعية للتعاونيات في الدولة، بما يضمن استدامتها، ويعظم قدرتها على التطوير والتنمية، وفق مستهدفات ومشاريع الخمسين ومحددات مئوية الإمارات 2071 ” .
وتابع : "يفتح القانون آفاقاً جديدة وواسعة أمام كافة فئات المجتمع للمشاركة في العمل التعاوني، وبناء جيل جديد من رواد القطاع التعاوني، ودعم توفير المزيد من فرص العمل بهذا القطاع الحيوي وتشجيع نشر الثقافة التعاونية المبتكرة في المجتمع، وذلك من خلال السماح بعضوية غير المواطنين في الجمعيات التعاونية بالدولة، باستثناء التعاونيات الاستهلاكية النمطية التي تقتصر عضويتها على مواطني دولة الإمارات".
وبموجب القانون، سيكون أمام التعاونيات في دولة الإمارات مساحة أكبر لتنويع أنشطتها والتوسع في أسواق الدولة، مع توفير الحماية الكاملة لحقوق المساهمين، ودعم تدشين تعاونيات إماراتية رائدة في قطاعات جديدة، ومن أبرزها قطاعات الاقتصاد الجديد، بالإضافة إلى مجالات الصحة والتعليم والسياحة والخدمات المالية وغيرها من القطاعات الحيوية الأخرى ذات الأولوية في الدولة.
وسمح القانون بإدراج وتداول التعاونيات في الأسواق المالية للدولة بما يعزز استفادة التعاونيات من الخدمات المتقدمة والمبتكرة التي تقدمها الأسواق المالية في الدولة من حيث الشفافية والمرونة وسرعة الإجراءات.
كما يدعم القانون توسع أنشطة وأعمال التعاونيات في الدولة وتوفير الدعم الفني والمادي والتشغيلي والتسويقي لها عبر السماح لها بدخول شريك استراتيجي بما يعود بالنفع على التعاونية، وسوف تصدر وزارة الاقتصاد قراراً خلال المرحلة المقبلة، تحدد من خلاله شروط وإجراءات دخول الشريك الاستراتيجي في الجمعية التعاونية.
ومنح القانون الحق للجمعية التعاونية بتأسيس جميع أشكال الشركات، وفقاً للمتطلبات والإجراءات المحددة من السلطات المختصة، كما يحق لها الاستحواذ على أسهم الشركات والتعاونيات الأخرى، وأيضاً إمكانية الاستحواذ أو المشاركة في تأسيس شركات تجارية أو تعاونيات سواء بمفردها أو مع الغير.
ويدعم القانون الجديد قوة الاقتصاد الرقمي الوطني، من خلال السماح بتأسيس تعاونيات جديدة في المجالات الرقمية والتوسع بالأنشطة التكنولوجية الحديثة، بما يسهم في مواكبة الدولة للتطورات التي يشهدها العالم في هذا الصدد، وبما يعزز رؤيتها في الاستثمار والتوسع بقطاعات الاقتصاد الجديد خلال المرحلة المقبلة.
وأشار سعادة آل صالح إلى أن القانون يعزز من جهود الدولة في تنظيم العمل التعاوني وفق أفضل الممارسات العالمية، حيث حدد 7 التزامات يجب على التعاونيات أن تراعيها للحفاظ على المبادئ الأساسية للقطاع التعاوني، من أبرزها: تنفيذ السياسة العامة للتعاونيات والمنبثقة عن القانون ولائحته التنفيذية، والمساهمة الطوعية في المسؤولية المجتمعية ولا سيما عبر تخصيص نسبة من أرباحها السنوية أو التراكمية لهذا الغرض، عدم إثارة الكراهية والنزاعات الطائفية أو العنصرية أو الدينية، والعمل على رفع المستوى الاجتماعي والاقتصادي لأعضائها.
وأوضح سعادته أن قانون التعاونيات الجديد نظم كافة الإجراءات وآليات العمل في مجال التعاونيات وتأسيس الشركات التعاونية الجديدة في الدولة، كما منح الحق لوزارة الاقتصاد والسلطات المختصة مسؤولية الإشراف والمتابعة على الجمعية التعاونية ونشاطها وأعضائها ومساهميها وفقاً لآليات واضحة، إضافة إلى حوكمة عمليات إعداد السياسة العامة للتعاونيات وفئاتها.
وأشار إلى أن القانون الجديد سيتم تطبيقه بدءًا من شهر ديسمبر 2022، حيث تعمل الوزارة حالياً على إعداد لائحته التنفيذية، وذلك بالتعاون مع شركائها من الجهات الاتحادية والمحلية وممثلين عن القطاع التعاوني، ومن المتوقع أن تصدر هذه اللائحة خلال الأشهر الـ 6 المقبلة.
ولفت سعادته إلى أن القانون حدد أيضاً حقوق والتزامات التعاونيات، ونظم عمليات التدقيق المحاسبي والانضباط المؤسسي للتعاونيات وفق أفضل الممارسات وبما يحفظ حقوق جميع الأطراف المعنيين، فضلاً عن تنظيم الضبطيات القضائية، وكافة تفاصيل العمل التعاوني الأخرى. كما منح التعاونيات القائمة مدة لا تزيد على سنتين لتوفيق أوضاعها.
من جهتها، قالت سماح الهاجري، مديرة إدارة التعاونيات والمخزون الاستراتيجي في وزارة الاقتصاد: " إن دولة الإمارات تمضي قدماً في تطوير قطاعها التعاوني وفق أفضل الممارسات العالمية، بما يضمن ترسيخ قوة الاقتصاد الوطني وجعله أكثر مرونة واستدامة، وتعزيز مكانة الدولة الرائدة في القطاع التعاوني إقليمياً وعالمياً".
واستعرضت الهاجري خلال الإحاطة الإعلامية أبرز أحكام ومخرجات القانون الجديد والتي تعزز من جاهزية ونمو القطاع التعاوني بدولة الإمارات ليكون منافساً على المستويين الإقليمي والعالمي، ومنها : - وضع القانون الجديد مجموعة من المعايير لتأسيس تعاونية جديدة في الدولة : ففي مرحلة التأسيس، ينتخب المؤسسون من بينهم لجنة بعضوية 3 أشخاص بحد أدنى، تتكون من رئيس ونائب للرئيس ومسؤول مالي، تتولى مهام وصلاحيات يتم الاتفاق عليها لإتمام إجراءات التأسيس والتعاقدات والصرف وتمثيل التعاونية قانونياً أمام الجهات الرسمية، ويكون المؤسسون مسؤولين بالتضامن عن التزامات التعاونية خلال مرحلة تأسيسها، وكذلك عن الأموال التي يتم إيداعها في حساب التعاونية.
كما سمح القانون للتعاونيات بفتح فروع لها في الدولة بعد موافقة السلطات المختصة للفرع الجديد.
ومنح القانون التعاونية الحق في التحول إلى شركة بالشكل المحدد وفقاً للشروط التي سوف تحددها اللائحة التنفيذية للقانون. كما يمكن للتعاونية الاندماج مع تعاونية أخرى بعد الحصول على موافقة السلطة المختصة.
وسمح القانون للتعاونيات من نفس النوع أن تؤسس اتحاداً تعاونياً فيما بينها، ويمكن لأي عدد من التعاونيات المرخصة أن تكون فيما بينها تعاونيات مشتركة، وذلك بناءً على شروط اللائحة التنفيذية للقانون.
وينشأ للتعاونية لدى إشهارها شخصية اعتبارية وذمة مالية مستقلة عن الأعضاء. ويحق لها الاقتراض من القطاع الخاص أو العام، كما يحق لها إصدار السندات والصكوك أو أي أدوات مالية وأسهم تمويلية بموجب شروط ومعايير تحددها اللائحة التنفيذية.
وتابعت الهاجري استعراض الاشتراطات المتعلقة بعضوية الجمعيات التعاونية في الدولة، من أبرزها : “ حدد القانون إمكانية تأسيس جمعية تعاونية من عدد 10 أشخاص على الأقل، ويجوز بقرار من السلطة المختصة الاستثناء من ذلك، وتحدد اللائحة التنفيذية للقانون شروط تشكيل مجلس الإدارة واختصاصاته وأحكام التنازل والتخارج والورثة والتصويت”.
كما حدد القانون أنه يجب على التعاونيات الاحتفاظ بسجل يسمى "سجل التعاونيات"، يضم جميع البيانات بشأن الأعضاء وصفاتهم وعدد الأسهم التي يملكونها، ويكون للتعاونية رأسمال بالقدر اللازم لتحقيق أغراضها يتكون من أسهم اسمية متساوية القيمة.
وأوضح القانون أن رأسمال التعاونية يتكون من أسهم نقدية وحصص عينية، وتودع المساهمات النقدية في أحد المصارف بالدولة، وتكون الحصص العينية أصولاً قابلة للتقييم المالي وليس تعهدات أو خدمة.
وقسَّم القانون التعاونيات إلى فئتين: الفئة الأولى هي التعاونيات غير الأساسية، والتي تمنح لكل عضو مساهم في التعاونية صوت واحد بغض النظر عن عدد الأسهم التي يمتلكها. والفئة الثانية هي التعاونيات الأساسية، والتي توفر مميزات إضافية للأعضاء المساهمين، ومنها حقوق التصويت المتعددة، وزيادة حجم الاستثمارات، وحقوق تفضيلية أخرى بشروط وضوابط يحددها القانون ولائحته التنفيذية.
وحدد القانون مجموعة من العقوبات والغرامات الجزائية بحق المخالفين بالتعاونيات، من أبرزها:" فرض غرامة مالية لا تقل عن 200 ألف درهم ولا تزيد على مليون درهم، لكل من تقدم بيانات كاذبة أو مضللة في عقد التأسيس أو النظام الأساسي أو في نشرات الاكتتاب في الأسهم أو البيانات والتقارير السنوية.. إضافة إلى فرض غرامة مالية لا تقل عن 100 ألف درهم ولا تزيد على مليون درهم لكل من استعمل بغير حق اسماً أو شعاراً يظهر للجمهور بأن هذا العمل أو المشروع تعاوني، وكذلك كل من استخدم شعاراً تعاونياً على غير الحقيقة".
وأوضح القانون الجديد أن توزيع صافي الأرباح بعد خصم الاحتياطي القانوني المقرر في القانون الجديد بنسبة 10% من صافي الأرباح تستقطع سنوياً إلى أن يصل 50% من رأس المال، ويكون توزيع الأرباح في شكل عوائد على المعاملات تمنح لكل عضو وفقاً لحجم تعاملاته مع التعاونيات، وعوائد على الأسهم لجميع الأعضاء وفق للنسبة المعتمدة من الجمعية العمومية، والعوائد المتأتية على الأسهم التمويلية والأدوات المالية، بالإضافة إلى ومكافأة أعضاء مجلس الإدارة، على أن تحدد الجمعية العمومية للتعاونية هذه المكافأة، بما لا يتعدى 10% من صافي أرباحها السنوية، وكذلك ما تقرر الجمعية العمومية تخصيصه للمسؤولية المجتمعية.

الاكثر من أخبار محلية

أخبار محلية