
امتلأت الصفحات الأولى للصحف البريطانية والعالمية بـ«دراما» تعليق رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، أعمال مجلس العموم البريطاني، لمدة خمسة أسابيع حتى 14 أكتوبر المقبل، وهي الخطوة التي وصفها رئيس مجلس العموم جون بيركو بـ«عمل دستوري شائن»، ووصفها نائب زعيم حزب العمال توم واتسون بأنها «إهانة فاضحة تماماً لديمقراطيتنا».
الخطوة انتقدت لتوقيتها في فترة حساسة من تاريخ البلاد، ولما تعنيه لناحية تقليص فرص البرلمان عرقلة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. صحيفة «الغارديان» وصفتها بـ «الإهانة للديمقراطية» و«عمل تخريبي دستوري» برغم التزامها بالقانون، و«إساءة استخدام بشعة للمنصب السياسي الأعلى في البلاد»، و«اختطاف للسلطات المخولة رمزياً للتاج». وأكدت أنه إذا كان تعليق البرلمان في الخريف أمراً طبيعياً وطال انتظاره، فإنه لا شيء طبيعي في الظروف الحالية، ورئيس الوزراء وحكومته أشاروا بصراحة أنه لا يعنيهم الضرر المترتب، ويفضلون الخراب على التأخير، فإذا أخفقت محاولة تحييد البرلمان، فقد يجد نفسه أمام انتخابات. وأشارت صحيفة «إي» إلى غضب النواب، لكنها وضعت رأياً في صفحتها الأولى يدعو قرار جونسون بـ «خطوة جريئة ستشق صفوف معارضة حزب المحافظين». وفي المقابل كان موقف صحيفة «ميل» أكثر إيجابية تجاه قرار جونسون، وأطلقت على الخطوة: «خطوة تاريخية لإحباط النواب المناهضين لـ«بريكست»، فيما ركزت فايننشال تايمز على التداعيات على الدستور، وكتبت أن بوريس جونسون «أثار ضجة دستورية» مع إبراز تعليق بيركاو بشأن «الفضيحة الدستورية». من جهتها، أبرزت صحيفة التلغراف الذي يكتب جونسون عاموداً صحافياً فيها، اتهام زعيم مجلس العموم، جايكوب ريس - موغ «النواب بأنهم يحاولون إحباط بريكست، و«يخاطرون بأزمة دستورية»، مردداً أن واجب البرلمان «تحقيق إرادة الأمة التي اختارت الانسحاب من الاتحاد الأوروبي». صحيفة تايمز في صفحتها الأولى عرضت صورة لجونسون بالأسود والأبيض تحت عنوان «جونسون يراهن بكل شيء». وفيما تفيد بأن الخبر «دفع بريطانيا إلى حافة أزمة دستورية»، تصور أيضاً إسكتشاً تسخر من رئيس مجلس العموم الذي طعن بدستورية قرار جونسون.من ناحيتها أعربت «الإكسبرس» عن حماسها للخطوة الجريئة لإزاحة النواب الميالين لوقف بريطانيا عن مغادرة الاتحاد الأوروبي، وأفادت أن منح الملكة الموافقة يشير إلى أنه لا بد أنها تميل لصالح هذا القرار. وفي أسكتلندا، عنونت «ديلي ريكورد» صفحتها بـ«اليوم الذي تُوفيت فيه الديمقراطية»، وجاءت «ذا ناشونال» بعنوان مماثل، مع تعليق لرئيسة وزراء أسكتلندا نيكولا ستروجن، كتبت فيه: «هذا هو اليوم الذي أصبح الاستقلال حتمياً. و«الهيرالد» أيضاً عنونت بمقتطف لستروجن: «اليوم سوف ينزل في التاريخ كيوم مظلم للديمقراطية البريطانية». وكانت أخبار استقالة روث ديفيدسون من زعامة حزب المحافظين الأسكتلندي مصدر اهتمام للصحف، كذلك استقالة لورد يونغ، وهو المسؤول عن ضمان الانضباط الحزبي عن حزب المحافظين من الحكومة، والذي أعلن أنه ليس سعيداً بتوقيت وفترة التعليق، والمخاطرة بتقويض الدور الأساسي للبرلمان. وأفيد عن تحالف من المتمردين العابرين للأحزاب يستعدون للاصطدام بجونسون، والتركيز على تشريعات سريعة تهدف إلى تكليف رئيس الوزراء طلب تمديد للمادة 50، إذا فشل في التوصل إلى اتفاق بمنتصف أكتوبر، وعن عريضة مناهضة لتعليق البرلمان حصدت أكثر من 1.3 مليون، ومظاهرات في الشارع، كما بدأ جيريمي كوربن التحدث عن حكومة عمالية مستقبلية، رافضاً استفتاء ثانياً حول الاستقلال في «السنوات التكوينية» لحكومة عمالية. التوقعات المستقبلية أن يعود البرلمان في 3 سبتمبر، حيث يمكن لحزب العمال طرح التصويت على اللاثقة، على الرغم من أنه قال إنه لن يفعل ذلك إلا إذا كان مقتنعاً بنجاح الاقتراح، فإذا دعا كوربن إلى تصويت على الثقة، وخسر جونسون، سيحاول النواب تمرير تشريع يفوض جونسون بتمديد المادة 50، في حال لم يحصل على اتفاق بريكيست جديد، ويمكن لجونسون أن يتجاهلهم ويدعو إلى انتخابات عامة. وإذا لم يدعُ كوربن إلى تصويت على لاثقة، فسوف يُعلق البرلمان في سبتمبر 9، قبل بدء الجلسة الثانية بخطاب الملكة في 14 أكتوبر المقبل. ويؤكد مصدر في دوانينغ ستريت أن جونسون يريد الحصول على اتفاق جديد مع الاتحاد الأوروبي، وعازم على عدم التوجه إلى الانتخابات قبل بريكيست، حتى لو خسرت حكومته الثقة.