انتهزت تركيا الاضطرابات في بعض دول المنطقة كفرصة للنفاذ وتحقيق أطماعها في تلك الدول، لاسيما في سوريا والعراق، وسعت لتأمين مصالحها الخاصة من خلال التدخل في الشؤون الداخلية، مُرتكبة انتهاكات تمس السيادة الوطنية لتلك الدول، وهو ما دانته جامعة الدول العربية في بيان سابق لها أكدت فيه مخالفة تلك الانتهاكات للقانون الدولي.
وتبزغ في هذا الإطار العديد من المسارات القانونية التي يُمكن اتباعها في مواجهة التدخلات التركية، يُحددها خبير القانون الدولي وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للقانون الدولي المستشار د. مساعد عبد العاطي، في حديث لـ«البيان» من القاهرة، استهله بالتأكيد على أن «القانون الدولي يكفل للدول كل الحق في السيادة على إقليمها، وأيضاً بموجب ميثاق الأمم المتحدة الصادر في العام 1945 الذي نص على مبادئ تحكم العلاقات بين الدول، وهي مبادئ ملزمة؛ وأهمها مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ومبدأ احترام السيادة الإقليمية وكذا مبدأ تساوي المركز القانوني للدول». وبالتالي - وفق عبد العاطي - فإن «الممارسات التركيّة سواء في سوريا أو العراق تمثل انتهاكاً سافراً لميثاق الأمم المتحدة ولقواعد القانون الدولي، وتعتبر تدخلاً غير مشروع وانتهاكاً لهذه السيادة، ولا يمكن التسليم بالادّعاءات التركية كمبررات للاعتداء على السيادة العراقية والسورية الإقليمية، فضلاً عن مسؤولية تركيا القانونية عن دعمها لحركات وجماعات إرهابية مسلحة على التراب السوري (..) وهناك عدة دلائل وحجج وأسانيد على الدعم التركي للإرهاب الذي يعد أيضاً مخالفة لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بجماعات الإرهاب بخاصة على الأراضي السورية». مسارات بالتالي، فإن كلاً من سوريا والعراق يملكان وسائل قانونية للتصدي لهذه الانتهاكات التركية، تبدأ من اللجوء إلى منظمة الأمم المتحدة (سواء الجمعية العامة أو مجلس الأمن)، وعلى وجه التحديد مجلس الأمن، لأن التدخلات التركية تهدد حالة السلم والاستقرار الدوليين، ومجلس الأمن هو المختص الوحيد باتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين بموجب ميثاق الأمم المتحدة. وبناءً على ذلك، يمتلك مجلس الأمن آليات عديدة، منها - وفق عبد العاطي - إدانة التصرفات التركية من الناحية القانونية والسياسية، وأيضاً له أن يصدر قرارات صريحة إلى تركيا لسحب قواتها، والقرارات الصادرة عن مجلس الأمن إذا ما صدرت تحت هذه البنود فهناك أيضاً مسؤولية دولية على تركيا حيال تدخلها في هذه الدول إذا ما ترتب على هذا الدخل أي أضرار بالمدنيين أو الدول ومرافقها. وبذلك «نحن أمام انتهاكات تركية صارخة لمبادئ القانون الدولي، وفي ذات الوقت أمامنا أيضاً آليات قانونية تملكها كل من سوريا والعراق للتصدي لهذه الانتهاكات، كما نملك على الصعيد الإقليمي اللجوء لجامعة الدول العربية باعتبارها منظمة إقليمية معترف بها كظهير مساند للحقوق العربية أمام المحافل الدولية، الجامعة تمتلك أدوات كثيرة، ويمكنها أن تدعم المطالب السورية العراقية في هذا الشأن بموجب ميثاق الجامعة والأمم المتحدة، وبالتالي هي ورقة مهمة في التصدي للهيمنة التركية والغطرسة التكية على صعيد العراق وسوريا».